استراتيجية الصف المقلوب

استراتيجية تعليمية تعتمد على تزويد المتعلمين بمادة تعليمية حول الدرس كمقاطع فيديو أو ملفات صوتية أو غيرها من الوسائط، للاطلاع عليها في منازلهم أو في أي مكان آخر باستعمال حواسيبهم أو هواتفهم الذكية أو أجهزتهم اللوحية قبل حضور الدرس. في حين يُخصص وقت الدرس للمناقشات والمشاريع والأنشطة

مفهوم استراتيجية الصف المقلوب

استراتيجية الصف المقلوب هي نهج تعليمي مبتكر يقوم على تغيير توجيه العملية التعليمية التقليدية. في هذا النهج، يتم نقل جزء كبير من المحتوى التعليمي من الصف إلى خارجه، حيث يمكن للطلاب الوصول إليه عبر الإنترنت أو من خلال الأنشطة الصفية التفاعلية. هذا يشجع على التعلم الذاتي وتنمية المهارات التطبيقية. بينما يتمحور التعليم التقليدي حول الشرح والاستماع فقط، يعزز الصف المقلوب الفهم الذاتي وتطبيق المفاهيم من خلال التفاعل والمشاركة الفعّالة.

تاريخ التعليم المقلوب :

تعودالبداية الفعلية لاستراتيجيةالتعليم المقلوب لعام 2000م على يد مجموعة من الأساتذة في جامعة ميامي الأمريكية، لكن فكرتهم لم تلقَ النجاح المنتظر؛ بسبب عدم اكتشاف برامج متخصصة في تسجيل مقاطع الفيديو آنذاك.

حتى وصلنا إلى عام 2007م، حينها اكتشف معلمان في مدرسة ثانوية في كولورادو بالولايات المتحدة الأمريكية وهما «جوناثن برجمان» و«آرسون سام» طريقة فعالة لتسجيل محاضراتهم ورفعها على موقع YouTube، وأطلقوا على تلك التجربة اسم «البث المُسبق»؛ ليستفيد منها الطلاب الذين يتغيبون عن الفصول الدراسية لسبب أو لآخر.

وبعد ذلك تم تزويد الطلاب الذين لا يمتلكون قدرة على الاتصال بشبكة الإنترنت بمحتوى المحاضرات على وسيط تخزيني سواء USB أو أقراص DVD تحتوي على المحاضرات مسجلة؛ ليتعرض لها الطلاب بشكل سهل؛ مما كان بمثابة البداية الفعلية لواحدة من أشهر استراتيجيات التعليم باستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة.

مسميات الفصل المقلوب:

هناك أكثر من مسمى يتم إطلاقه على استراتيجية الصف والفصل المقلوب تشير جميعها إلى ذات الاستراتيجية، ومن بين هذه المسميات: التعليم المقلوب، الصف المقلوب، التعليم المعكوس، الفصل الدراسي الخلفي، التعليم العكسي، التدريس العكسي، عكس الفصل الدراسي وغيرها من الأسماء.

الفرق بين الصف المقلوب والصف التقليدي

يكمن الاختلاف بين الصف المقلوب والصف التقليدي في طبيعة الدور الذي يقوم به الطالب في المدرسة أو المنزل، ففي الصف التقليدي يقوم المعلم بتلقين الدروس للطلاب في الصف الدراسي، ويشرح لهم كل ما يتعلق بالمادة العلمية، ثم يكلف الطلاب ببعض الواجبات المنزلية للتطبيق على ما تم دراسته وفهمه بشكل كامل.

أما في الصف المقلوب فيحدث العكس، حيث يتلقى الطالب المحاضرة في منزله من خلال محتوى تم تسجيله في صورة فيديو وملفات مكتوبة ومسموعة تساعده على فهم الدرس بشكل كامل بمفرده، ثم يتم التطبيق على ما تم دراسته داخل الصف الدراسي من خلال مجموعة من الأنشطة والفعاليات المتنوعة بالمشاركة مع زملائه وبإشراف وتوجيه مباشر من المعلم.

أدوات الصف المقلوب

هناك مجموعة من الأدوات التي يحتاج إليها المعلمون ليتمكنوا من تطبيق استراتيجية الصف والفصل المقلوب في الفصول الدراسية بفعالية تامة، ومن أبرز تلك الأدوات نذكر ما يلي:

1. برامج لإنشاء مقاطع الفيديو

يجب أن يمتلك المعلم برامج متخصصة في إنشاء مقاطع الفيديو ليتمكن من تقديم المحتوى العلمي بشكل واضح ومنظم؛ مما يساعد الطلاب على فهم الدروس والاستفادة من مميزات استراتيجية الصف والفصل المقلوب.

2. نظم إدارة التعلم

يحتاج المعلم إلى تنظيم المحتوي العلمي وفقًا لجدول محدد ليستعرضها الطلاب بشكل منتظم من خلال نظم إدارة التعلم مثل التي توفرها لك منصة زامن مع إتاحة فرصة للتواصل بين المعلم والطلاب وغيرها من  

3. برمجيات إنشاء الملفات المختلفة

إحدى المواد التي يجب أن يوفرها المعلم للطلاب في استراتيجية الصف والفصل المقلوب هي عروض التقديمية والرسومات التوضيحية والملفات النصية بصيغ مختلفة وغيرها، والتي يجب أن يمتلك المعلم المهارات اللازمة لإنشائها بشكل احترافي من خلال استخدام برامج متخصصة في ذلك؛ لتوفير تجربة تعليم متكاملة للطلاب.

4-برامج المحاكاة

حيث توفر هذه البرامج فرصة للطلاب للانخراط في تجربة تعليمية تفاعلية بخاصة في المواد العلمية، والتي تساعدهم على تطبيق ما يقومون بدراسته بشكل نظري، وبالتالي تعميق الاستفادة من التعليم وتحقيق أهدافه بطريقة أفضل.

المبادئ الثلاثة للفصل الدراسي المقلوب

1-البيئة المرنة

حيث يُخصصّ الفصل الدراسي بشكلٍ مرنٍ ليتناسب مع أنواعٍ مختلفةٍ من التعلّم كالعمل الجماعي، الدراسة الذاتية والبحث، مما يمنح المتعلمين حرية طلب المساعدة منك أو من زملائهم في أيّ وقت. وهذا يتيح لك الوقت للتركيز على أنشطةٍ تعليميةٍ أخرى وتعزيز التدريب العملي.

2- ثقافة التعلّم

في هذا النموذج التعليمي، يتحوّل دور المتعلمين من متلقين سلبيين للمعرفة إلى مشاركين نشطين يتعلمون بمبادرتهم الذاتية، ويشمل ذلك إجراء البحوث، الوصول إلى استنتاجات وإنتاج محتوى. كما ويتم تشجيعهم على المشاركة الجماعية مما يزيد من تعلّمهم النشط.

3- المحتوى المقصود

يتم اختيار المحتوى التعليمي بعنايةٍ وتنظيمٍ مع توفير المواد الملائمة وتحديد أهدافٍ وطرق تقييمٍ واضحةٍ لضمان تحقيق هذه الأهداف. هذا النهج يساعد المتعلمين على التركيز بشكلٍ أكبر على المحتوى، وهذا من شأنه أن يحسّن من جودة عمليتي التعليم والتعلّم.

مميزات الصف المقلوب:

  • منح الطلاب حافزا للتحضير والاستعداد قبل وقت الفصل،
  • استثمار وقت الفصل بشكل أفضل للمناقشات والمشاريع والأنشطة.
  • توفير الحرية الكاملة للطلاب في اختيار المكان والزمان والسرعة التي يتعلمون بها.
  • تشجيع التواصل بين الطلاب من خلال العمل في مجموعات تشاركية صغيرة
  • يعد المعلم المادة التعليمية المطلوبة ويرسلها للطلاب قبل الدرس بوقت كاف.
  • يطلع الطالب على المادة التعليمية قبل الحضور إلى الحصة الصفية، ويدون الملاحظات والأسئلة أثناء متابعة المادة.
  • في بداية الحصة، يتم مناقشة أسئلة الطلاب حول المادة التي اطلعوا عليها.
  • تنفيذ نشاط خاص بموضوع الدرس (يتم اعداده مسبقاً من قبل المعلم) ويركز فيه على توضيح المفاهيم وتثبيت المعارف والمهارات، ومن الممكن أن يشتمل على مهام بحثية تعطي للطلبة أو نشاط تطبيقي على حل مشكلة فيما يتعلق بالدرس أو حتى اختبار تكويني،
  • يشرف المعلم على تنفيذ أنشطتهم ويقدمُ الدعم المناسب للمتعثرين منهم

إيجابيات تطبيق استراتيجية الصف المقلوب وسلبياتها:

  • أولا: إيجابيات الفصل المقلوب

    التحكّم في العملية التعليمية

    التشجيع على التعلّم التعاوني

    وصول أوسع إلى المواد التعليمية الإلكترونية

    متابعة الآباء تقدم أبنائهم

    زيادة كفاءة العملية التعليمية

    مراعاة الفروق الفردية


    ثانيا: سلبيات الفصل المقلوب

    الوصول إلى التكنولوجيا

    زيادة الوقت في استخدام الشاشات

    غياب التغذية الفورية الراجعة

    انخفاض الفعالية في الاختبارات العامة

مثال تطبيقي على استراتيجية الصف المقلوب:

أنا معلم لصف دراسي في المدرسة الابتدائية وسأستخدم هذه الاستراتيجية لتدريس درس في موضوع العلوم، تحديدًا درسًا حول الكائنات الحية والبيئة المحيطة بها.

1.التحضير وتصميم المحتوى

في هذه الخطوة، قمت بإعداد مواد تعليمية متاحة عبر الإنترنت للطلاب. تضمنت هذه المواد مقاطع فيديو قصيرة تشرح المفاهيم الأساسية حول الكائنات الحية والبيئة، وكذلك نصوصًا توجيهية للقراءة والأنشطة التفاعلية.

2. توزيع المواد والمهام

في يوم الدرس، قمت بتوزيع روابط إلى المواد التعليمية عبر الإنترنت للطلاب. أيضًا، أعطيت الطلاب مهمة قراءة مقال عن البيئة المحيطة بهم وكيف يؤثر الإنسان عليها.

3-المناقشة والتفاعل الفعّال

خلال الحصة الدراسية، قمت بتشغيل مقاطع الفيديو وناقشتها مع الطلاب. تحفزت من خلال طرح أسئلة تفكيرية تشجع على التفكير النقدي والمشاركة الفعالة. ثم، قمت بمناقشة المقال الذي قرأه الطلاب وطرحت أسئلة لفهم مدى فهمهم للمحتوى وربطه بالمفاهيم السابقة.

4. التقييم والمتابعة

كما استخدمت تقنيات تعلم نشط من خلال طلب من الطلاب إجراء بحث صغير حول كيفية الحفاظ على البيئة المحيطة بهم. ثم قدموا تقارير قصيرة حول نتائج بحثهم. هذا ساعد في تنمية مهارات التفكير التحليلي وتقديم النتائج بشكل منهجي.

5-الاستنتاج وإعادة التوجيه

في نهاية الحصة، قمت بتلخيص الدروس المستفادة وتوجيه الطلاب إلى موارد إضافية لتعزيز تعلمهم. أشجعهم على استخدام مهاراتهم في فهم البيئة وأهميتها في حياتهم اليومية.

هذا هو مثال تطبيقي لكيفية استخدام استراتيجية الصف المقلوب في تعليم الأطفال في موضوع محدد. كذلك تمثل هذه الاستراتيجية طريقة مثلى لتعزيز التفاعل والتعلم الذاتي لدى الطلاب، وتشجيع التفكير النقدي وتنمية مهارات التطبيق.

المراجع:

تاريخ النشر :2019

التنسيق: كتاب رقمي

الناشر: مؤسسة الباحث للاستشارات البحثية

الباحث: السعيد مبروك ابراهيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *