استراتيجية التخيل
من السهل على كل انسان أن يتخيل، بل نحن نمارس فعليًا التخيل عده مرات في اليوم الواحد، وهناك فرق بين شخص واسع الخيال يرتاد آفاقًا بعيدة وبين شخص واقعي لا يذهب بعيدًا. إن الطلبة يمارسون نوعين من التخيل، الأول هو التخيل المشتت الذي يقود الطالب إلى أحلام يقظة مشتتة، والثاني هو التخيل الإبداعي الذي يقود الطالب إلى رسم لوح فني أو ابداع قصيدة أو حل مسألة. إن المطلوب في المدرسة هو التخيل الإبداعي المنتج والمطلوب من المعلم أن يكون واسع الخيال ليقوم طلابه إلى تخيلا إبداعية وهكذا يكون التخيل إستراتيجية في التدريس الإبداعي.
تعريفها:
- استراتيجية التعلم بالتخيل؛ هي استراتيجية يُطلب فيها التخيل الإبداعي من الطالب، بحيث يضع نفسه في وظيفة أو مهمة، ومن ثم يُعطى له وقت للإبداع والتفكير، وبذلك يكون التعلم بالتخيل نشاطًا ذهنيًا، يستهدف اختراع لوح داخلي في نفوس الطلبة، وهذا يُسهم في تنمية التفكير بصور واقعية. (هاشم، 2019)
- “هو ابتكار أفكار جديدة وغير مألوفة، أو تطوير فكرة موجودة لم يسبق لأحد أن ينتج عنها أنتاج غير مألوف، لكي تساعد الطلاب على تكوين صور ذهنية يمكن تطبيقها والإفادة منها” (الكيلاني، 2009: 88).
أهمية التخيل كاستراتيجية تدريس:
- يثير مشاركة فاعلة وحقيقية من الطالب، فإن الطالب حين يتخيل نفسه شاعرًا أو نقطة زئبق أو بذرة قمح فإنه يصبح طرفًا فاعلًا في سلوك هذه الأشياء إن ما نتعلمه عبر التخيل هو أشبه بخبرة حية حقيقية من شأنها أن تبقى في ذاكرتنا.
- التخيل يعلمنا معلومات وحقائق وعلاقات، ولكنه أيضًا مهارة تفكير إبداعية يقودنا إلى اكتشافات وطرق جديدة.
- التعلم التخيلي تعلم إتقاني لأننا نعيش الحدث ونستمتع به كما أنه يستفز الجانب الأيمن من الدماغ إضافة إلى الجانب الأيسر
مراحل التخيل:
يرى بياجيه أن الصور العقلية تنمو متأخرة بعض الشيء وذلك لأنها لا تقوم جميعاً على الإدراك الحسي، ولكنها تقوم على التقليد ويميز بياجيه بين الصور الثابتة، والتي يرى أنها تميز الطفل قبل سن السابعة أو الثامنة وبين الصور الحركية التي تنمو بعد هذا السن، ويرى بياجيه أن الأطفال قبل سن السابعة أو الثامنة لا يستطيعون تخيل المراحل التي تتضمنها التحولات التي تحدث بين الحالات كتحول الحالة من وضع طولي إلى وضع أفقي وعندما يفهمون مثل هذه العملية سوف يكونون قادرين على تمثيلها داخلياً وتنمو بمقتضى تلك الصور التوقعيه، والتي من شأنه أن تساعد على نمو التفكير لدى الأطفال، وتمثل الصور العقلية ذروة البناء العقلي الذي يعد بمثابة نسقاً متماسكاً من التمثيلات الداخلية وذلك خلال مدة زمنية (تيرنرج، 1992 :121-122).
مراحل القدرة التخيلية للإنسان:
1 – مرحلة الواقعية والتخيل المحدود بالبيئة من (3-5) سنوات.
يكون تخيل الطالب في هذه المرحلة حاداً، أذ يتصور غطاء القدرة مقود سيارة يلف به ذات اليمين وذات الشمال، وفي هذه المرحلة يسعى لتمثيل القصص التي يسمعها، وهذا يؤكد مدى قبوله للقصص التي تنطوي على موضوعات وشخصيات مألوفة كالأب، والأم، والأخوة (الهرفي،2010 :78).
2- مرحلة التخيل المنطلق من (6 -8) سنوات.
ويمتاز الطالب بسرعة تخيله، ويبدأ بالتحول من التخيل المحدد في إطار البيئة الى النوع الإبداعي والتركيبي الموجه الى هدف عملي وهو بحاجة لقصص تحتوي مضامين تطلق لخياله العنان لأن يتخيل بشيء من الإبداع.
3- مرحلة المغامرة وحب الاستطلاع من (8 -12) سنة.
وهنا ينتقل الطالب من مرحلة الواقعية والتخيل المنطلق الى مرحلة أقرب للواقع وفيها يجذب انتباهه قصص الشجاعة، والمخاطرة، والعنف، والمغامرة ويزداد ميله للألعاب والتي تتطلب المهارة والمنافسة (الهيتي، 1988: 88).
4 – المرحلة المثالية من (12 – فما فوق).
وهي مرحلة الاستقرار العاطفي النسبي، وهي دقيقة وحساسة يميلون فيها الطلاب الى القصص التي تمتزج فيها المغامرة بالعاطفة، وتقل فيها الواقعية، وتزيد فيها المثالية ويتشوقون للقصص البوليسية، ويميلون الى اختلاق قصص من الخيال، وهذا يخلق لديهم ملكة الإبداع، ويدفعهم للتفكير المنطقي، والتفتح الذهني لتوظيف العلم في اتجاهات مفيدة، ويمكن أن يتخيلوا أفكارا لم يسبق تكوينها من قبل وهذا هو الخيال الإبداعي.
وهذه القدرة التخيلية يمكن تنميتها من خلال ست مهارات للتخيل يمكن اجمالها على النحو الاتي:(التخيل السمعي)، و(الصوري)، و(الصوري الحركي)، و(الحسي)، و(الحس +الشم)، و(الحس +الذوق) (الاعرجية،2012: 33).
أنواع التخيل في التعليم:
١-التخيل الموجه:
-
- يحدث عندما يقوم المعلم بتوجيه المتعلمين إلى تخيل سيناريو أو مشهد معين بناءً على إرشادات محددة.
- مثال: “تخيل أنك في رحلة عبر الغابة، صف ما تراه من نباتات وحيوانات.”
٢-التخيل الإبداعي:
-
-
- يُترك للمتعلمين الحرية في تخيل أي فكرة أو حل، دون قيود.
- مثال: “كيف تتخيل شكل الحياة على كوكب آخر؟”
-
٣-التخيل الاستكشافي:
-
- يهدف إلى التنبؤ أو تصور نتائج أو حلول بناءً على معلومات متاحة.
- مثال: “تخيل كيف يمكن أن يتغير العالم إذا اختفت جميع وسائل النقل الحديثة.”
٤-التخيل الواقعي:
-
- يعتمد على استحضار صور ذهنية لأشياء معروفة من الواقع.
- مثال: “تصور شكل المنزل الذي ترغب في تصميمه.”
كيفية تطبيق استراتيجيه التخيل:
- يمارس التخيل في مكان مريح، هادئ الألوان والإنارة بعيد عن الصخب والضجة.
- يتطلب التخيل وجود مرشد يقود هذا التخيل، ويعطي توجيهات في أثناء التخيل، للانتقال من مرحلة إلى أخرى ومن وضع إلى آخر.
- يحتاج التخيل إلى تدريب ذاتي يقوم به الطالب، ويتخيل أوضاعًا مريحة أو يتأمل شيئًا يحبه، ويمكن للمعلم أن يدرب الطلبة ويضعهم في مواقع يمكن أن يتخيلوا فيها.
- ربما يحتاج التخيل إلى وضع مريح، يسترخي فيه الطالب وقد يغمض عينيه في أثناء التخيل.
- يحتاج الطالب إلى أن يفرغ ذهنه تمامًا ويفكر في موضوع التخيل فقط
دور المعلم والمتعلم في استراتيجية التخيل:
يتكامل دور المعلم والمتعلم ويكمل بعضه البعض، حيث أن المعلم يساعد في توجيه المتعلم وتوفير البيئة المناسبة لتحقيق أقصى استفادة من استراتيجية التخيل، بينما يتعين على المتعلم أن يشارك بنشاط في العملية من خلال تقنيات التخيل والتصور الذهني.
أهمية استراتيجية التعلم بالتخيل
تكمن أهمية استراتيجية التعلم بالتخيل فيما يأتي:
- تحقيق الطالب مشاركة فعالة وحقيقية، فالطالب يتخيل نفسه شخصية معينة، أو يستحضر موقفًا معينًا.
- خبرة تبقى لمدة طويلة في الذاكرة.
- مهارة تفكير إبداعية تقود لاكتشاف أفكار جديدة.
- نتيجته تكون الوصول إلى الإتقان.
شروط تطبيق استراتيجية التعلم بالتخيل
إنّ شروط تطبيق استراتيجية التعلم بالتخيل تتمثل فيما يأتي:
- أن يكون المكان مريحًا وهادئًا؛ لتوفير الاسترخاء للطلبة وإمكانية إغماض العينين.
- أن يتم توفير وقت كافٍ يتناسب مع موضوع التخيل.
- أن يتواجد قائد أو مرشد يُعطي التوجيهات، وعادةً ما يكون المعلم.
- أن يُفرغ الطالب ذهنه، ويُفكر في الموضوع الرئيس.
- أن تكون المؤثرات الصوتية متوفرةً، وتتناسب مع الموضوع الرئيس.
متطلبات استراتيجية التعلم بالتخيل
يُشار إلى أنّ التعلم التخيلي يتطلب عددًا من الأمور، وهي كالآتي:
- الاستعداد الجيد
من خلال تكوين فكرة جيدة عما ترغب في قوله وجلب كل المعدات السمعية والبصرية قبل الاستخدام.
- القراءة للطلاب
يجب القراءة للطلاب والعمل على تهيئتهم، ثم بعد ذلك يتم تطبيق المادة التعليمية وإسقاطها على الاستراتيجية.
- وضع هدف واضح
أن يكون لدى المعلم هدف واضح يُرشد الطلبة إليه قبل البدء بالاستراتيجية.
- ملائمة المناخ التعليمي
يجب أن تكون البيئة التعليمية مناسبة لتطبيق هذه الاستراتيجية، مع الأخذ بعين الاعتبار استخدام الموسيقى الملائمة ونبرة الصوت الهادئة.
- الاسترخاء والتركيز
وذلك من خلال الطلب من المتعلمين إغماض أعينهم واستخدم الكلمات التي تجذب حواسهم.
- التخيل
إذ يُركز المعلم على صورة تخيلية واحدة أو عدد من الصور القليلة.
إيجابيات استراتيجية التخيل:
- تحفيز الإبداع: يساعد التخيل على تنشيط الأفكار الجديدة وتوليد الحلول المبتكرة.
- تعزيز التركيز: يمكن أن يساعد الأفراد على التركيز على الأهداف وتوضيح الرؤية المستقبلية.
- تخفيف التوتر: يمكن أن تكون وسيلة فعالة للاسترخاء وتقليل القلق من خلال تخيل مشاهد مريحة أو إيجابية.
- تحسين الأداء: يُستخدم في التدريب الرياضي لتحسين الأداء من خلال تخيل النجاحات والتقنيات الصحيحة.
- تطوير المهارات: يعزز من القدرة على التفكير النقدي والتحليلي من خلال تصور سيناريوهات مختلفة.
سلبيات استراتيجية التخيل:
- قد تؤدي إلى الانفصال عن الواقع: يمكن أن يسبب الاعتماد الزائد على التخيل إهمال الجوانب الواقعية.
- التحديات في التنفيذ: التخيل وحده لا يكفي؛ يحتاج إلى خطة عمل واضحة لتحقيق الأهداف المتخيلة.
- قد يتسبب في الإحباط: إذا كان التخيل بعيدًا عن الواقع، قد يشعر الشخص بالإحباط عند عدم تحقق تلك الرؤى.
- عدم مناسبة للجميع: بعض الأشخاص قد يجدون صعوبة في التخيل أو قد لا يجدونها فعالة بالنسبة لهم.
- قد تؤدي إلى القلق: تخيل سيناريوهات سلبية يمكن أن يزيد من القلق والتوتر
تطبيق على استراتيجية التخيل:
تطبيق على استراتيجية التخيل:
المراجع:
الأعرجية، ستة سعد عبد الرضا: (2012)، “أثر إستراتيجية التخيل التعليمي في تنمية التفكير الإبداعي لدى طالبات الصف الرابع الأدبي في مادة المطالعة”، كلية التربية الاساسية، جامعة بابل، (رسالة ماجستير غير منشورة).
تيرنرج: (1992)، النمو المعرفي بين النظرية والتطبيق، ترجمة عادل محمد عبد الله، مطبعة الجيلاوي، مصر.
شريف الأتربي، التعليم الإلكتروني ومهارات القرن21: أدوات واستراتيجيات التعليم الحديثة، صفحة 210. بتصرّف.
عبيدات، ذوقان وأبو السميد، سهيلة. (2013). استراتيجيات التدريس في القرن الحادي والعشرين، ديبونو للنشر.
عبدالجواد، سمير فتحي يوسف، و الأغا، عبدالمعطي رمضان محمد. (2019). أثر توظيف استراتيجية التخيل الموجه في تنمية الحل الابداعي للمشكلات في اللغة العربية لدى طالبات الصف الثالث الاساسي (رسالة ماجستير غير منشورة). الجامعة الإسلامية (غزة)، غزة.
الكيلاني، حسين عبد الحفيظ: (2009)، الموهبة والتفكير الإبداعي في التعليم، دار دجلة، الأردن.
هاشم، هاجر. (2019). أثر استخدام استراتيجية التعلم التخيلي في تدريس مادة التاريخ على التحصيل لدى طالبات المرحلة الإعدادية، رسالة ماجستير، جامعة الشرق الأوسط.
الهرفي، محمد علي: (2010)، أدب الأطفال وأثره في التربية، دار الصفوة ـ بيروت.
الهيتي، هادي نعمان: (1988)، ثقافة الاطفال – سلسة عالم المعرفة، العدد (123)، مطبعة السياسية، الكويت.
